الأحد، 7 أبريل 2013

الفصل الثالث


جامعة الأقصى

كلية العلوم الإدارية والمالية
 

نظرية المنظمة

الفصل الثالث


إعداد: أ/ سيف شعبان عاشور


 

الفصل السادس

الجماعات الصغيرة

(التنظيم غير الرسمي)

 

المبحث الأول

طبيعة الجماعة وأنواعها

 

أولاً: طبيعة  الجماعة:

إن اتصال الفرد وتفاعله مع الجماعة يسهم بشكل كبير في تطوره واكتسابه الصفات التي من شأنها الإسهام في تحقيق أهدافه. ومن هنا لا بد من دراسة المتغيرات التي تؤثر في سلوك المنظمة نتيجة للآثار الناجمة عن تفاعل الجماعات الصغيرة.  أي أنه من المطلوب دراسة الجماعة ودرجة تجانسها، وحجمها، وفوتها، وقيمها، ودرجة تماسكها، وغير ذلك من المتغيرات ذات الدلالات الرئيسة في معرفة نمو وتطور المنظمة بشكل عام.  وقد عرفها فليبو: على أنها تتكون من شخصين أو أكثر يتفاعلون فيما بينهم ويعتمدون على بعضهم البعض ولهم القدرة على العمل بنمط واحد".  كما عرفها هوماتس " على أنها عدد من الأفراد يرتبطون فيما بينهم لمدة من الزمن كافية لتحقيق الترابط بينهم وجهاً لوجه.

ويمكن أن يلاحظ أن ما يحدث في الجماعة الصغيرة وأثره في السلوك الفردي لعضو الجماعة يرتكز على ثلاثة مفاهيم أو (مكونات) هي:

أ‌.       النشاط (Activity): ويمثل التصرفات الإنسانية أو الأشياء التي يمارسها الإنسان والتي تتمثل بالتصرفات المادية التي يمكن مشاهدتها أو الآمال المطلوب من الفرد أداؤها.

ب‌.  التفاعل (Interaction): وهو الاتصالات التي تتم بين أعضاء الجماعة والتي يمكن ملاحظتها أثناء أدائهم لأعمالهم وتحديد من الذي يبدأ التفاعل أو الاتصال ومدته ونتيجته في شكل تأثيره على السلوك الطرف الآخر.

ت‌.  المشاعر(Sentiments): وهي تعبر عن كيفية شعور الفرد تجاه الأفراد الآخرين في العالم المحيط بهم (البيئة) وكيف يدرك جوانبه المختلفة وللمشاعر ثلاثة عناصر هي: العنصر الفكري، والعنصر العاطفي، والاتجاه أو الميل للتصرف أو السلوك.

 

ثانياً: أنواع الجماعات:

يمكن تقسيم الجماعات الصغيرة إلى أنواع متعددة تبعاً لطبيعة النظرة إليها.  ومنه هذه التقسيمات ما يأتي:

1.    الجماعات حسب طبيعة العمل في المنظمة: وهي تمثل الجماعات التي تتكون على وفق طبيعة الأداء المادي للعمل داخل المنظمة المعنية، وتقسم بدورها إلى:

a.    الجماعات الرسمية (Formal Groups):  وهي الجماعات التي تتكون من خلال الارتباط داخل المنظمة وتهدف للقيام بأداء عمل  محدد وواضح ضمن الهيكل التنظيمي للمنظمة المعنية.  ويتم الإشراف على الفرد من قبل المدراء.  ويمكن تقسيم الجماعات الرسمية إلى نوعين هما: الدائمية والمؤقتة.

أولاً: الجماعات الرسمية الدائمية (Permanent Formal Groups): وتمثل الجماعات التي تمارس الأنشطة الثابتة أو المستقرة في المنظمة وهي على نوعين هما:

أ‌.       جماعة العمل (Work Groups):  وتعرف على أنها مجموعة من الأفراد العاملين في نفس المنظمة، فهي تعمل في مكان واحد وبوقت واحد أو في عملية إنتاجية واحدة وغالباً ما تعمل جماعة العمل يومياً في نفس المكان.

ب‌.  الجماعة الآمرة أو القائدة (Command Groups):  وهي الجماعة التي تقوم بالإشراف على العمل وقيادة الأداء المتخصص فيه، وتتمتع بصلاحيات إصدار الأوامر للآخرين، مثل جماعة المشرفين.

ثانياً: الجماعات الرسمية المؤقتة (Temporary Formal Groups):  ويضم كل منها عدداً من الأفراد يجتمعون للقيام بأداء مهمة مؤقتة أو لأغراض محددة وقتياً، للجان المؤقتة مثلاً.

b.    الجماعات غير الرسمية(Informal Groups): وتمثل الأفراد الذين يجتمعون للتفاعل الاجتماعي أو العقائدي ويرتبط أفراد هذه الجماعة مع بعضهم اختيارياً نتيجة للتماثل أو التشابه في التكوين البيولوجي أو المادي للأفراد، أو على أساس المحاباة  أو القربى، أو المصالح المشتركة.

c.     جماعات الهوايات: تتكون هذه الجماعات داخل المنظمات من أجل القيام ببعض الأنشطة بدوافع شخصية أو بتوجيه رسمي من المنظمة مثل الفرق الرياضية وجماعات النشاطات الاجتماعية والترفيهية الأخرى.

 

2.   أنواع الجماعات حسب طبيعة العلاقة بين الأعضاء:

وتتضمن نوعين هما:

أ‌.       الجماعات المتجانسة أو المتماسكة: وتتمثل بالجماعات التي تتسم بتجانس أعضائها في رغباتهم وقيمهم وأهدافهم، ويشتركون معاً في توجيه أنشطتهم وتقسم هذه الجماعة إلى نوعين: يتسم أولهما بالرضا وعدم الرغبة في الإنتاج، في حين يسود الثاني الرضا والرغبة في الإنتاج وكذلك الفكر المنسجم والاتفاق الهادف إلى تدعيم الفكر الجماعي في العمل.

ب‌.  الجماعات غير المتجانسة أو غير المتماسكة: وهي الجماعات غير المتجانسة من حيث الاتجاهات والأفكار، وغالباً ما يسودها التفكك وتشكيل الجماعات الفرعية، أو الشلل (Sub-Groups Or Cliques).  وتتصف هذه الجماعات بالتفكير الفردي والنزعة الأنانية وينقصهما التعامل بروح الجماعة في الأعمال المشتركة.


3.   الجماعات حسب قوة التأثير في شخصية الفرد:

اتفق الباحثون والمتخصصون في دراسة السلوك المنظمي على تقسيم الجماعات من حيث التأثير في شخصية الفرد على جماعات أولي وثانوية:

أ‌.       الجماعات الأولية(Primary Groups):  أطلقت تسمية "الأولية" اعتماداً على العلاقة الأولى التي نشأ الفرد عليها والتي تتمثل بالعائلة "الأسرة" ثم جماعة الصداقة كما تشمل جماعة العمل.

ب‌.  الجماعات الثانوية (Secondary Groups):  وهي تمثل أغلب الجماعات التي يرتبط بها الفرد والتي لا تتضمن التفاعل المتكرر المستمر. كما أن الرابطة بين أعضائها هي ليست قائمة على أساس المودة والألفة والتعاون وإنما على أسس الموضوعية والعلاقات غير المباشرة، مثل النقابات، والتقسيمات الرسمية في المنظمة.

 

4.   الجماعات من حيث واقع الانتماء:

وتقسم إلى نوعين أيضاً هما:

أ‌.       الجماعات النفسية: وهي الجماعات التي تتكون نتيجة لارتباط أفرادها بعلاقات شخصية تجعلهم يدركون بعضهم البعض نفسياً، كما تتميز بقوة الروابط والصلات والعلاقات الودية الصادقة.

ب‌.  الجماعات الاجتماعية: وهي الجماعة التي تنشأ لغرض تحقيق هدف أو غرض معين من خلال الارتباط العاطفي أو الودي، وغالباً ما تكون ذات ارتباطات تلقائية غير مخططة.


5.   الجماعات من حيث التنظيم:

وتقسم إلى ثلاثة أنواع هي:

أ‌.       الجماعات المنظمة: مميزاتها للجماعات المنظمة ما يأتي:

1.وجود بعض العناصر المستمرة في حياتها، 2.وعي الجماعة بطبيعتها وأغراضها، 3.تفاعل الجماعة مع غيرها من الجماعات المتماثلة، 4.وجود قانون ملزم للأعضاء يلزم إتباعه، 5.وجود بناء يؤدي إلى تمايز الوظائف وتقسيمها بين أعضاء الجماعة.

  ب. الجماعات غير المنظمة: تتكون نتيجة لظرف يثار من قبل الأعضاء أو متغير يتم الاتفاق عليه ضمنياً من قبل الجماعة ويستجيبون له، مثال ذلك المظاهرات أو الخلافات بين الأشخاص.

 ت. الجماعات المرجعية (Reference Groups):  وهي الجماعات التي تكون معاييرها ومقاييسها مرجعاً يقتدي به من قبل الآخرين وتمثل هذه الجماعات مرشداً أو دليلاً يحاول الفرد الوصول إليه، أو يوليها الثقة في التعامل وينتمي إليها لما تحققه من أهداف أو أغراض معينة.

 

6.   الجماعات من  حيث التكوين:

وتنقسم الجماعات من حيث التكوين إلى طبيعية ومفروضة:

أ‌.       الجماعات الطبيعية: وهي الجماعات التي تتكون من تلقاء نفسها دون أن تتدخل العوامل الخارجية في تكوينها مثل العائلة  وجماعات الأصدقاء.

ب‌.  الجماعات المكونة(المفروضة): وتمثل الجماعات التي تتكون تحت تأثر العوامل الخارجية مثل جماعة العمل أو اللجان.

 

7.   الجماعات من حيث الرابطة بين الأعضاء:

تنقسم هذه الجماعات إلى الجماعة ذات العضوية الحرة والجماعة الإجبارية:

أ‌.       الجماعات ذات العضوية الحرة: وهي  الجماعات التي تتكون بمحض رغبة وحرية الأعضاء في الانتماء إليها مثل جماعة الأصدقاء وجماعة الهوايات.

ب‌.  الجماعات الإجبارية:  وهي الجماعات التي يجد الفرد نفسه عضواً فيها بدون أن تكون له حرية الاختيار في الانتماء كالعائلة وجماعة العمل.

 

المبحث الثاني

نظريات تكوين الجماعة

 

أولاً:  نظرية القرب:

ترى هذه النظرية بأن شعور الانتماء أو الرغبة في الانضمام للجماعة يتأثر بالواقع المادي للقرب أو الجوار حيث تتكون الجماعة غالباً من الأفراد الذين يعملون في منظمة جغرافية متقاربة، أو يعملون على ماكنة إنتاجية واحدة أو في مكتب خدمي متقارب.  وهكذا أثبتت الدراسات الميدانية الحديثة على أن للتقارب المادي في العمل دلالات ومؤشرات أكيدة في تكوين هذه الجماعات على عكس التباعد المادي للعمل الذي لا يقود إلى خلق مثل هذه الجماعات.

 

ثانياً: نظرية هومانس لتكوين الجماعة:

تقوم نظرية هومانس على ثلاثة عناصر أساسية هي: الأنشطة (وتمثل المهمات أو تصرفات وأفعال اِلأشخاص داخل الجماعة)، والتفاعل(ويمثل أنماط الاحتكاك بين الأشخاص المختلفين عن طريق الاتصال فيما بينهم لإنجاز المهمات داخل الجماعة)، والمشاعر(وتمثل الأحاسيس التي يشعر بها الأفراد وتتولد لديهم أثناء الاتصالات وبها يدركون العالم المحيط بها).



ثالثاً: نظرية الاتزان:

تستند على الاتجاهات المشتركة نحو الأهداف وسبل تحقيقها. إذ أن ذلك يسهم في تحقيق درجة متوازنة بين الانجذاب وتكوين الأهداف المشتركة.

رابعاً: نظرية التبادل:

تعقد هذه النظرية مقارنة بين العوائد المتحققة للفرد من وجوده في الجماعة÷ مقابل كلفة انتمائه لها.  إذ كلما زادت العوائد التي يحققها الفرد من الانتماء للجماعة كلما زادت سبل الانجذاب والتفاعل والمشاركة فيها.

 

المبحث الثالث

تماسك الجماعة


أولاً: طبيعة التماسك:

يعد مفهوم تماسك الجماعة من أكثر مفهمي لمنظمة تأثراً في حركية الجماعة ديناميكيتها وعاملاً مساعداً في فهم سبل تكوين الجماعة واستقرارها.  كما يمكن التعبير من خلاله عن خصائص الجماعات الصغيرة، ويعبر تماسك الجماعة عن قوة الروابط بين أفرادها، ومدى تكاتفهم واتحادهم.  لذلك  تترك السبل الأساسية للتماسك جانباً مهماً من الآثار السلوكية على الجماعة ذاتها وعلى الفرد ومن هذه الآثار ما يأتي:

أ‌.       السلوك الجماعي التعاوني:

يشير هذا المبدأ السلوكي إلى أن ازدياد التماسك بين الجماعة غالباً ما يؤدي إلى خلق أجواء السلوك التعاوني، وسيادة روح التكاتف في سيل تحقيق الأهداف المشتركة. هذا بالإضافة إلى خلق أنماط متعددة من التعاون والتنسيق بين الجهود الفردية لخدمة الجماعية مثل المبادرة وتبادل الآراء والمشورة والتضحية بالمصالح الفردية من أجل تحقيق الأهداف الجماعية.

ب‌.   الاذغان لمعايير الجماعة:

كلما ازداد تماسك الجماعة كلما ازدادت قدرتها على فرض معاييرها أو قواعدها على أفرادها. فجماعة العلم التي يكون تماسكها قوياً تستطيع أن تفرض آراءها وتحدد معدلات الأداء والإنتاج تبعاً لقناعتها حتى وإن خالفت المعايير والمتطلبات الرسمية للعمل.

ت‌.   الأداء:

كلما ازداد تماسك الجماعة كلما أدى ذلك إلى تحقيق الاستقرار والثبات في معدلات الأداء المنجز من قبل أفرادها واتسمت  معطياتها الإنتاجية بصفة الاستقرار والثبات عند مستوى معين وتستطيع إدارة المنظمة التنبؤ من خلال ذلك على ما سيكون عليه واقع المنظمة وسبل تحقيق أهدافها.


ثانياً:  العوامل المؤثرة في التماسك:

تؤكد الدراسات الكثيرة على حقيقة الآثار السلوكية التي يتركها التماسك.  غير أن هناك بعض العوامل التي تعد ذات أثر أكبر من غيرها من حيث ما تؤديه على تقوية أو إضعاف درجة التماسك، مثل تجانس أفراد الجماعة وطبيعة التفاعل وخصائصه وجاذبية الجماعة للفرد وطبيعة الموقف والظروف التي تعمل في إطارها الجماعة ومن هذه العوامل ما يأتي:

أ‌.       تماثل(تجانس)  خصائص الأفراد:

ب‌.  حجم الجماعة:  كلما كان حجم الجماعة صغيراً كلما ازدادت درجة التماسك بين أفرادها والعكس صحيح.

ت‌.  كثافة وتكرار التفاعل بين أفراد الجماعة: كلما ازداد تفاعل واتصال أفراد الجماعة مع بعضهم كلما زاد تكرار ذلك التفاعل وأدى إلى تقوية أواصر العلاقة بين الأفراد ومن ثم زيادة تماسك الجماعة.

ث‌.  جاذبية الجماعة للفرد:  كلما كان الانتماء للجماعة مصدراً لإشباع الحاجات والرغبات المادية والنفسية ومحققاً للأهداف، كلما ازداد الفرد بالجماعات وزادت جاذبية الجماعة للفرد.

ج‌.    الضغوط والتهديدات الخارجية:  كلما تعرضت الجماعات إلى الضغوط والتهديدات الخارجية كلما ازداد تماسكها، وكلما قلت هذه الضغوط كلما انخفضت درجة التماسك. وتتمثل الضغوط الخارجية في وجود صراعات أو نزاعات بينها وبين جماعات أخرى أو خضوع بعض أفراد الجماعة إلى تهديدات خارجية من البيئة المحيطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق