الأحد، 14 أبريل 2013

الفصل السادس


جامعة الأقصى

كلية العلوم الإدارية والمالية

 

نظرية المنظمة

الفصل السادس

 

إعداد: أ/ سيف شعبان عاشور

 

 

 

الفصل السادس

اتخاذ القرار

 

المبحث الأول

أهمية ومفهوم اتخاذ القرار

 

يحقق القرار العلمي الرصين أعلى انجاز مادي ومعنوي للمنظمة العاملة وبجهد أدنى وكلف أقل، قياساً بالقرارات غير العلمية التي لا ترتكز في حقيقتها إلى الأساليب العلمية المعتمدة في إطار ذلك ولذا فإن الأهمية الرئيسة في القرار المتخذ تكمن في مدى استعداد المعنيين إلى قبوله والسير وفق خطاه محققين من خلال ذلك الإسهام الفاعل في أنشطة المنظمة.  فالقرار من الناحية القانونية إعلان للإدارة يصدر عن سلطة إدارية في صورة تنفيذية بقصد إحداث أثر قانوني إزاء الأفراد، على أنه كل عمل قانوني يصدر على هيئة إدارية أو هيئة خاصة لها امتيازات السلطة العامة ويكون موضوعه إدارياً يصور تنفيذاً للقوانين أو السلطات الممنوحة من الدستور. 

أما النظريات السلوكية فقد أكدت على أن القرار هو عبارة عن حصيلة معقدة تتظافر فيها العديد من الاعتبارات الاقتصادية، الاجتماعية، والنفسية، والسياسية، والقانونية و الفنية.  ينبغي أن لا ينظر إلى سبل اتخاذ القرار من زاوية واحدة فقط، كما يراها البعض من المتخصصين.  فالقرار ينطوي من حيث الأبعاد الاقتصادية، على مسألتين أساسيتين هما العوائد المتحققة والكلف المترتبة على اتخاذه.  أي أنه يمثل الخطة المستقبلية للمنظمة المعنية بتحقيق هدف معين بأقل الكلف، وبأعلى العوائد الممكنة الناجمة عن تنفيذه.  كما ينطلق السلوكيون إلى إعطاء البيئة الاجتماعية والنفسية والحضارية أثراً كبيراً في القرارات المتخذة.  فهي بمثابة تعبئة شاملة للجهود الاجتماعية وتوجيهها بشكل منظمة لمواجهة حالات قائمة وظروف معينة.  ثم أن الأبعاد السياسية والفكرية والأيديولوجية تلعب دوراً كبيراً في القرارات التي تتخذ أو توضع موضع التنفيذ:  فهي تمثل المعيار الموضوعي الذي من خلاله تدرك القيادات السياسية ردود الفعل الفردية أو الجماهيرية إزاء القرارات المتخذة من خلال الممارسات الميدانية لسلوك جماهير الشعب أو الأمة.  كما أنها تؤشر باستمرار مدى النضج الفكري والفلسفي للقيادة السياسية في توجيه وتعبئة الجماهير ومدى ما تحققه السبل الكفيلة بتحقيق أهدافها.

القرارات الإدارية يؤكد بشكل واضح على دور البيئة الخارجية وتأثيرها بشكل كبير في  القرارات المتخذة.  فالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والنفسية والإدارية تلعب كلها أدوراً كبيرة ومتفاوتة في عملية اتخاذ القرار.

ومن هنا يتضح بأن القرار ذو صلة تفاعلية متكاملة بين المتغيرات الذاتية للبناء التنظيمي والسلوكي للفرد، وبين المتغيرات البيئية (الخارجية) من ناحية أخرى هذا خاصة وأن التكوين النفسي للفرد يمكن أن يصور بالشكل التالي ليعبر عن المواقف التي تميز الفرد إزاء المشاكل القائمة.

ومن هنا يتضح بجلاء أن القرار العلمي الرشيد يشكل علاجاً مرحلياً للمشكلات الاقتصادية والإدارية والاجتماعية القائمة، وليس عمقاً سوقياً(استراتيجياً) على المدى البعيد، طالما أن العلاقات الإنسانية ذات أبعاد متحركة(ديناميكية) ينتابها التغير المستمرين في جميع الأفاق والأبعاد.  وتؤكد حالة الممكن والرضا والقبول بالقرارات المتخذة نجاح النضج السلوكي والإنساني الحديث في التعامل مع العنصر البشري.

 

المبحث الثاني

أنواع القرارات

 

القرارات المتعلقة بتحديد الرواتب لموظف جديد أو إصدار العلاوة السنوية أو منح الإجازات الاعتيادية أو المرضية.  ويمكن تبويب القواعد التي تتخذ على أساسها أنواع القرارات كما يأتي: 

1.    القرارات حسب درجة أهميتها.

2.    القرارات المرحلية أو التعبوية(التكتيكية) أو التشغيلية والقرارات السوقية (الإستراتيجية).

3.    القرارات المبرمجة والقرارات غير المبرمجة.

4.    القرارات الفردية والقرارات الجماعية.

5.    القرارات المنظمة والقرارات الشخصية.

6.    القرارات حسب درجة الوثوق من المعلومات التي تستند إليها.

 

أولاً:  القرارات حسب أهميتها:

تتفاوت القرارات حسب درجة أهميتها من غير المهمة إلى الأساسية فقرار استبدال سد حكومي بآخر مماثل له من قبل المصرف المستثمر في السندات هو قرار غير مهم، قياسياً بدخول المصرف الأسواق الدولية الجديدة للسندات، ومن بين المعايير المستخدمة في تحديد أهمية القرار ما يأتي:

1.    النتائج التي تترتب على تحقيق أهداف المنظمة بسب اتخاذ القرار.

2.    عدد الأفراد العاملين في المنظمة الذين يتأثرون بالقرار المتخذ فكلما زاد عددهم كلما زادت أهمية القرار.

3.    حجم الأموال المطلوب استثمارها بسب القرار أو أثر القرار على الموارد المالية للمنظمة عموماً.

4.    الضغط الزمني المفروض على عملية اتخاذ القرار إذ أن الإلحاح في اتخاذ القرار يكسبه أهمية أكبر وأسبقية أعلى قياساً بالقرار الذي يمكن التريث في اتخاذه.

5.    مدى تكرار القرار، إذ أن القرارات المتكررة هي أقل أهمية من القرارات الاستثنائية.

6.    درجة المرونة في تغيير القرار المتخذ إذ أن بعض القرارات هي أكثر قابلية للتغير بعد اتخاذها من غيرها من حين أن الأخرى تولد أثاراً يصعب تبديلها لأنها تتخذ على مفرق طرق تحدد فيها مسيرة المنظمة لاحقاً.

 

 

 

ثانياً: القرارات التعبوية أو المرحلية(التكتيكية) والقرارات السوقية(الإستراتيجية):

القرارات التعبوية والسوقية واحدة من أهم قواعد تصنيف القرارات في المنظمة.  حيث تمثل القرارات الاستراتيجي العمق الزمني البعيد لتحديد السياسة العامة أو العريضة للمنظمة في حين أن القرارات التكتيكية تمثل تجزئة القرارات الإستراتيجية إلى مراحل زمنية قصيرة الأمد، ويغلب عليها طابع المرحلية في تنفيذ السياسة العامة للمنظمة لكنها في إطار نفس الاتجاه العام للمنظمة.

 

ثالثاً: القرارات المبرمجة والقرارات غير المبرمجة:

يقصد بالقرارات المبرمجة تلك التي يتكرر حدوثها واتخاذها يومياً قس  المنظمة بحيث لا تستدعي جهداً كبيراً في التفكير بها نظراً لكونها مجدولة أو ذات طابع روتيني في الأداء ومن الأمثلة على هذه القرارات، تحديد راتب موظف جديد في إطار نظم المكآفات المعمول بها، ومنح الإجازات الاعتيادية أو المرضية أما القرارات غير المبرمجة فهي تلك القرارات التي تحصل في مدة زمنية غير متكررة أو في ظروف غير متشابهة لذلك تستدعي جهداً معنياً من التفكير، إلى جانب متطلبات الحصول على قدر معين من المعلومات وتحمل المنظمة كلفاً إضافية ومن هذه القرارات إنشاء مشروع جديد، أو إجراء توسعات أو القيام بشراء معدات جديدة أو طرح منتوجات جديدة إلى الأسواق.

 

مقارنة بين القرارات المبرمجة وغير المبرمجة

القرارات غير المبرمجة
القرارات المبرمجة
1.    غير متكررة أو روتينية(رتيبة)
1.    روتينية(رتيبة) ومتكررة
2.    الظروف فيها متغيرة وغير مستقرة وثابتة
2.    الظروف مستقرة وثابتة نسبياً
3.    البيانات غير مؤكدة نسبياً
3.    البيانات تتسم بالثبات النسبي أو شبه مؤكد
4.    الوقت والجهود المبذولة فيها كبيرة نسبياً
4.    الوقت والجهد المطلوب محدود
5.    غالباً ما يتم اتخاذها في المستويات الإدارية العليا
5.    تتخذ في مختلف المستويات الإدارية
6.    غير قابلة للتحويل في الغالب
6.    غالباً ما يتم تحويل الصلاحيات إلى المستويات الوسطى والدنيا
7.    تتعلق بالبعد الاستراتيجي للمنظمة
7.    تتعلق بتمشية الأنشطة التشغيلية للمنظمة

 

رابعاً: القرارات الفردية والقرارات الجماعية:

القرارات الفردية هي تلك القرارات التي غالباً ما يتم اتخاذها من قبل المدير دون أن تستعين بمشاركة أو مشاورة العاملين والمعنيين بالقرار، وبمثل هذا النوع من القرارات أسلوب التعامل الاستبدادي في المنظمة.  أما القرارات الجماعية فهي تلك التي تمثل تفاعل أو مشاركة آراء عدد معين من الأفراد العاملين في المنظمة بحيث يعكس ذلك روح التعامل الديمقراطي في العمل الجماعي في المنظمة

 

خامساً: القرارات المنظمة والقرارات الشخصية:

تمثل القرارات المنظمية مجموعة القرارات التي يتخذها المدير في إطار الوظيفة الرسمية التي يشغلها وتمثل انعكاساً للسياسة العامة للمنظمة وتجسيداً للطبيعة التنظيمية لها، من حيث التعليمات أو الأنظمة التي تسير في إطارها. أما القرارات الشخصية فهي عبارة عن القرارات التي تعكس شخصية المدير وميوله الذاتية وخبرته الإدارية في ميدان العمل ولا يمكن تخويل صلاحية اتخاذ القرارات الشخصية بينما يمكن تخويل صلاحية اتخاذ القرارات المنظمية إلى المستويات الإدارية الأخرى من المنظمة.

 

سادساً:  القرارات حسب درجة الوثوق من المعلومات التي تستند إليها:

تقسم إلى ثلاثة أنواع هي:

المؤكدة(أو في حالة تأكد) وذات مخاطر، وغير المؤكدة(أو في حالة اللاتأكد).  ففي حالة التأكيد يمتلك متخذ القرار المعلومات الكافية التي تمكنه من التنبؤ بالنتائج المتوقعة لخياراته من بين البدائل الكثيرة ولذلك فهو يتخذ القرار لتعظيم العائد منها.  وعلى الرغم من أن المستقبل ليس مضموناً.  أما في ظل حالة المخاطرة، فإن المدير يقوم بتطوير البدائل ويحسب "احتمالات" تحقيق النتائج المرتقبة من كل بديل(والاحتمالات هي النسب المئوية لعدد مرات حدوث نتيجة أو حدث ما، لو أن الفعل قد تكرر مرات كثيرة).  ويمكن لشجرة القرار أن تساعد في حساب النتائج المحتملة من كل بديل.

أما في حالة اللاتأكد(عدم التأكد)، فإن احتمالات تحقيق النتائج المترتبة على كل بديل هي غير محددة( أو ربما أقل تحديداً من حالة المخاطرة).  فإذا كان هناك عدد كبير من العوامل المؤثرة في القرار وكانت العوامل هذه غير متشابهة أو كانت في حالة عدم استقرار شديد فإن المدير يتخذ القرار معتمداً على حكمه وخبراته السابقة مع محاولته إن أمكن وضع بعض التصورات عن احتمالات تحقيق النتائج.

 

المبحث الثالث

المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار

 

أولاً: الحاجة للمعلومات:

تحتاج عملية اتخاذ القرار إلى المعلومات ذات الصلة بالقرار المطلوب توفيرها في الوقت المناسب ويمكن تصوير المعومات على أنها المادة الأولية التي تصنيع منها القرارات فهناك علاقة مباشرة بين نوعية هذه المادة الأولية وجودة المنتوج المتمثل بالقرارات المتخذة.

ويحتاج المدير بوجه خاص إلى تلك المعلومات التي تعد أساسية وحاسمة في تحقيق نجاح المنظمة.  كما يحتاج إلى المعلومات عن العوامل الأقل خضوعاً، أو غير الخاضعة للسيطرة مثل التوقعات الاقتصادية للقطر ككل(المستوى العام للأسعار، حجم الاستخدام، الأسواق النقدية والمالية) التطورات العالمية الاقتصادية والمالية والسياسية.  وعليه فإن نوعية القرارات المتخذة يمكن أن تتحسن بدرجة كبيرة عندما تتوافر المعومات الدقيقة والملائمة التي يمكن الحصول عليها عند الحاجة وليس بعد فوات الأوان.

ثانياً:  نظم المعلومات الإدارية:

يحصل المدير على المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار من خلال نظام المعلومات في المنظمة. والأخير هو نظام لجميع البيانات عن العمليات الداخلية والبيئة الخارجية المحيطة وتحويلها إلى معلومات تصلح لاتخاذ القرارات.  ويتطلب نظام المعلومات ذاته ممارسة وظيفة التخطيط لغرض زيادة فاعليته وكفاءته، ذلك لأن فقدان تخطيط المعلومات يؤدي إلى ارتبك كبير فيها.  كما يحتاج هذا النظام إلى إسناد ودعم الإدارة العليا له لغرض إنجاحه، واستفادة المدراء منه.

 

ثالثاً:  الحاسوب والمدير:

لقد استخدم الحاسوب في البداية في عمليات مسك الدفاتر وبعض العمليات المحاسبية.  غير أن الإدارة المعاصرة أخذت توسع من الاستفادة منه في مختلف العمليات اليومية في المنظمة.  بل أصبح الحاسوب في المنظمة المعاصرة بمثابة القلب النابض في نظام المعلومات.  هذا إلى جانب ما يقدمه من مساعدات في القرارات الرتيبة(الروتينية) وغير الرتيبة.

 

رابعاً: محددات نظم المعلومات الإدارية:

على الرغم من مزايا نظم المعلومات المستندة إلى قاعدة الحاسوب فإن هناك بعض المحددات والمعوقات التي يعمل المدير الناجح في المنظمة على تفاديها أو معالجتها، ومن بين ذلك:

1.    يتوقع بعض المدراء من الحاسوب أكثر من المطلوب فالحاسوب يعالج البيانات المعطاة له ويصل إلى قرارات حسب قواعد محددة لاتخاذها، سبق تغذيتها له ضمن البرامج أي أنه لا يفكر لوحده.

2.    هناك بعض نظم المعلومات التي تنتج حجماً كبيراً من المعلومات يفوق الحاجة لها مما يعني إشغال المدراء بمعلومات مفصلة جداً وكثيفة لا يحتاجونها، كما يؤدي ذلك إلى استخدام الوقت بشكل غير كفوء.

3.    يؤدي استخدام الحاسوب في بعض المنظمات إلى ارتفاع في كلف تشغل نظام المعلومات بما يفوق المتأنية منه، خاصة عندما يكون الاستخدام في مجالات غير مهمة أو في اتخاذ قرارات تافهة . وقد أدخل العديد من المنظمات المعاصرة الحاسوب الصغير لخفض الكلف وترشيد استخدام الحاسوب.

 

المبحث الرابع

نظريات اتخاذ القرار

 

أولاً: النظريات التقليدية (الكلاسيكية) والمعدلة:

المراحل الأساسية التي تمر بها عملية اتخاذ القرار على وفق الفكر التقليدي المعدل هي:

1.    تحديد المشكلة:  يمكن تعريف "المشكلة" على أنها الفارق بين ما هو قائم أو كائن وبين المطلوب أو ما يراد أن يكون. وهذا يعني معرفة الفارق بين الواقع وبين الأهداف وتحديد الأسباب وراء ذلك التي قد تكون الكفاءة أو الخلل في العلميات أو الفرص التي لا بد أن تستنفد. لقد افترض النموذج التقليدي في اتخاذ القرار بأن المدير قادر دائماً على تحديد المشكلات بكل أبعادها ومتغيراتها، رغم أن قدرات الفرد الذاتية محدودة وقد لا يستطيع رصد المشكلة أو الظاهرة موضوع البحث.

2.    البحث عن تطوير الحلول البديلة:  بعد أن يحدد متخذ القرار المشكلة وأبعادها فإنه يتوجه للبحث عن الحلول البديلة أو البدائل وكلما ازدادت أهمية المشكلة وارتفعت كلفتها كلما كرس وقت أطول للبحث عن البدائل وتطويرها وغالباً ما يتجه المدير كمتخذ للقرار، إلى تجربة "البدائل المعروفة" أولاً، أي تلك التي استخدمت في مواقف مشابهة.  فإن لم تكن مجدية فإنه يتوجه إلى البحث عن بدائل جديدة.  وفي البحث عن البدائل الجديدة يواجه متخذ القرار مقيدات معينة تؤلف عقبات تحول دون اختيار بعض البدائل ومن أهم هذه المقيدات الوقت والمال.  فبعض القرارات لا بد أن تتخذ بوقت قصير، وبعضها يحتاج إلى أموال تفوق قدرة المنظمة.

3.    التقييم النسبي للنتائج المتوقعة لكل بديل:  تترابط هذه العملية مع سابقتها ويبرز في التقييم عاملان:  أحدهما مدى كون البديل قابلاً للتطبيع في ضوء أهداف وموارد المنظمة، وثانيهما قدرة البديل على حل المشكلة المطروحة.  وقد يكون البديل "منطقياً" ولكنه غير مجد أو غير نافع. وتتطلب شروط "الرشد" أو "العقلانية" أن يكون متخذ القرار قادراً على التنبؤ بنتائج كل بديل قيد البحث، ولكنه بسبب المعلومات المحددة عن المستقبل فإنه يعمل على جمع الحقائق والبيانات ذات العلاقة والضرورة للقرار مع محاولة فحصها وتحديد أهميتها أو وزنها أو تقدير احتمالات تحققها، وتؤخذ بنظر الاعتبار مصالح التقسيمات المختلفة في المنظمة إذ قد يكون بديل ما في صالح قسم معين وفي غير صالح قسم أخر.

وهناك بعض الأساليب التي تساعد متخذ القرار في عملية التقييم منها:

أ‌.       أخذ العوامل القابلة للتقييم (مبالغ من المال، ساعات عمل، كلف...) وغير القابلة للتقييم( الشهرة، الروح المعنوية، الرضى...) بنظر الاعتبار.

ب‌.  استعمال التحليل الحدي في المقابلة بين الإيراد والكلف(نقطة تعادل الإيراد الحدي والكلفة الحدية) في إطار التحليل الاقتصادي للنتائج المتوقعة من البدائل.

ت‌.  استعمال تحليل الكلفة المنفعة وذلك في المواقف التي تكون فيها نتائج البدائل أقل وضوحاً.

 

4.    اختيار البديل الأفضل:  تعد هذه الخطوة القمة في عملية اتخاذ القرار، حيث يمارس فيها متخذ القرار حكمه في هذا الخصوص وهي تقوم على أساس المفاضلة بين البدائل في ضوء نتائجها المتوقعة (المحتملة) ومقارنتها مع الأهداف أو المعايير المنبثقة عنها.  ويؤكد الفكر التقليدي على ضرورة "تعظيم" العائد أو المردود من اتخاذ القرار ومن بين ما يستند إليه متخذ القرار في اختيار البديل الأفضل ما يأتي:

أ‌.       خبراته السابقة على أساس أن بعض القرارات كانت قد اتخذت بالماضي وجربت آثارها، ولو أن الماضي لا يتكرر بالضرورة في الحاضر أو المستقبل بسبب تبدل الظروف بصورة مستمرة.

ب‌.  التجريب مثل تجربة تسويق عينات من سلعة معينة في أسواق محددة، وتجربة سياسية تسعير جديدة ثم دراسة نتائج ذلك.

ت‌.  البحث والتحليل وهو يتطلب تجزئة المشكلة إلى عناصرها أو عواملها الملموسة وغير الملموسة واختيار البديل الأفضل في ضوء ذلك.

 

5.    تنفيذ القرار:  لا بد لمتخذ القرار من متابعة نتائج تنفيذ القرار لمعرفة جدواه ومجالات ايجابياته وسلبياته للإفادة منها في اتخاذ القرارات في المستقبل.  ويعتمد التنفيذ على قبول القرار من قبل المعنيين المرؤوسين منهم والعاملين في الأقسام الأخرى ذات العلاقة بالقرار.

 

ثانياً:  النظريات السلوكية (الإنسانية):

انطوى الفكر التقليدي على العديد من المواقف الافتراضية التي تعتمد المنطقية أو العقلانية (الرشد) في اتخاذ القرار ومعالجة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية.  نظراً لكون الإنسان يمتلك قدرات عقلية وخبرات محدودة في استقراء وتحليل البدائل المتاحة لمعالجة المشكلات القائمة فإن ذلك يحد من منطقية التصرف الإنساني إزاء المشكلات ولذا فقد تبلورت المنطلقات السلوكية في النظر لمسألة اتخاذ القرار وقد سمي هذا الاتجاه في المنظور الفكري باتجاه" الرجل الإداري" وقد اعتمد هذا المنطلق الفكري بشكل كبير على حقيقة القابلية المحدودة للفرد في الوصول للقرار الأفضل( الذي يؤدي إلى تعظيم المردود) واتجاهه، عوضاً عن ذلك نحو القرار المرضي ومن أشهر النماذج السلوكية في اتخاذ القرار نموذج مارج وسايمون.

ويتضمن نموذج مارج سايمون أربعة مستويات أساسية في عملية اتخاذ القرار تنطوي على خمسة افتراضات أساسية تعبر عن طبيعة السلوك الإنساني في مسألة اتخاذ القرار وهي:

أ‌.       كلما انخفض الرضا لدى الفرد، كلما زاد البحث عن القيم والمكاسب المتوقعة.

ب‌.  كلما زاد البحث عن القيم والمكاسب المتوقعة، كلما زاد مستوى القيم والمنافع المتحققة.

ت‌.  كلما زاد مستوى القيم المتحققة، كلما زاد مستو بالرضا.

ث‌.  كلما زاد مستوى القيم والمنافع المتوقعة، كلما زاد مستوى الطموح.

ج‌.    كلما زاد مستوى الطموح، كلما انخفض مستوى الرضا.

الأحد، 7 أبريل 2013

الفصل الثاني

جامعة الأقصى
كلية العلوم الإدارية والمالية
 
نظرية المنظمة
الفصل الثاني
 
إعداد: أ/ سيف شعبان عاشور
 
          
 
 
 
الفصل الخامس
الفرد
 
المبحث الأول
الفرد وأهميته في المنظمة
 
يمثل الفرد الوحدة الأساسية التي تحدد سلوك المنظمة، وفي ضوء السلوك الذاتي للفرد، تستطيع المنظمة تحقيق أهدافها الإدارية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.  إن مجيء الفرد للعمل وانصهاره فيه واستجابته لمتطلبات وتفاعله مع أقرانه واستخدامه لمواد وأدوات العمل ورضاه عن العمل ذاته ومجمل علاقاته ونشاطاته، تعد مصادر أساسية للسلوك المنظمي، من ناحية وتلعب أدواراً رئيسة للتأثير في المنظمة وتحقيق أهدافها، من ناحية أخرى.
وتعد السمات النفسية للفرد المصدر الأساسي الذي يتحدد في ضوء السلوك الذاتي للفرد، من حيث أنماط تصرفاته إزاء المواقف المختلفة، وإدراكه ورغباته واهتماماته التي تشكل الباعث الرئيس لأنماط سلوكه تجاه الآخرين داخل المنظمة أو في إطار علاقاته الاجتماعية خارجها.
 
المبحث الثاني
الإدراك
 
أولاً: طبيعة الإدراك:
يلعب الإدراك دوراً أساسياً في تحديد أنماط السلوك الذاتي للفرد. فالقرار يدرك ما يحيط به بأشكال مختلفة تنسجم مع طبيعة الإدراك المحسوس الذي يعبر عنه بالسلوك المتخذ إزاء الموقف المحسوس أو غير المحسوس للأشياء، أو الأشخاص أو التصورات التي يدركها في عقله الباطني.  فلكل فرد نمط متميز من الإدراك وأسلوب خاص من التفكير.  وهناك العديد من العوامل التي تؤثر بشكل كبير في أنماط الإدراك تجاه المواقف المحددة منها:
أ‌.       التركيب الفيزيولوجي للفرد.
ب‌.  البيئة المادية والاجتماعية للفرد.
ت‌.  رغبات الفرد وحاجاته المتطورة أو المتغيرة وسبل تحقيقها.
ث‌.  الخبرات والتجارب المتراكمة للفرد.
فالخصائص الفيزيولوجية، كالذكاء الموروث والقابلية الذهنية، والقدرات البدنية، ذات أثر كبير في تحديد الأنماط للإدراك الذاتي للفرد ويمكن القول بأن الأفراد الذين يتميزون بمستوى متدن من الذكاء غالباً ما يدركون ما هية الأشياء والحوادث بصورة أقل عمقاً ودقة ووضوحاً من ذوي المستويات الأعلى من الذكاء كما تلعب البيئة المادية والاجتماعية أثر لا يقل أهمية في بلورة الأسلوب الإدراكي للفرد.  فالأفراد العاملون في مجتمعات صناعية متحضرة يتميزون بسعة وعمق إدراكهم للتشابك والتعقيد في الصور المحسوسة.  أما الأفراد الذين يعيشون في بيئات صحراوية أو ريفية أو نائية أو منعزلة فغالباً ما يتسم نمط إدراكهم للأشياء أو المحسوسات بالبساطة والوضوح وعدم الغموض فالتعقيد البيئي لوجود الذات الإنسانية يقل أثره كلما ابتعد الفرد عن مؤثرات المجتمعات الصناعية المتحضرة.
فالفرد يميل بطبيعته إلى إدراك الأشياء والأفراد الآخرين بأسلوب ينسجم تماماً مع طبيعة حاجاته ورغباته والسبل التي يمارسها في إشباعها، ويمكن التوكيد بشكل حازم، على أن الخبرات والتجارب الذاتية المتراكمة للفرد تلعب دوراً رئيساً في أسلوب الإدراك الحسي، أن الأفراد، بشكل عام يتميزون عم سواهم بطبيعة التجار والخبرات الماضية للأشياء والأشخاص الآخرين.
 
ثانياً: أنماط السلوك:
يواجه الفرد في المنظمات المختلفة مؤثرات ومتغيرات تمثل لديه مدخلات فالأوامر والمعلومات التي يتلقاها من رؤسائه أو زملائه في العمل أو من غيرهم تشكل سبيلاً إدراكية معينة يتحدد في ضوئها النمط السلوكي المتخذ من قبله ويمكن تحديد أنماط السلوك الإنساني للفرد بما يأتي:
أ‌.       السلوك الظاهري( المحسوس):  يمثل هذا النم من السلوك صوراً من التصرفات الظاهرية المحسوسة التي يمكن ملاحظتها بشكل واضح كالحركات الجسمية أو التغيرات الشكلية التي ترسم على الوجه.
ب‌.  السلوك المستتر أو (الضمني):  ومهما كان النمط السلوكي الذاتي الذي يتخذه الفرد، أي سواء أكان ظاهرياً أم مستتراً فإنه يمثل استجابة لمؤثرات البيئة التي تعرض لها في إطار المواقف أو المجالات المختلفة والتي شكلت لديه وضعاً سلوكياً إزاءها بعد الإحساس الإدراكي بها.  ولا بد أن تتأثر المنظمة بطبيعة ومستوى إدراك الأفراد العاملين لديها في سعيها لتحقيق أهدافها.  حيث أن المثيرات التي تقدمها المنظمة للأفراد العاملين لا بد أن تؤدي إلى تحقيق انعطافات إيجابية في إدراك الأفراد العاملين فيها، فنظام الرواتب والأجور  والمكافآت والترقيات والخدمات الاجتماعية والحوافز الأخرى تعد مثيرات أساسية تجعل من الفرد قدرة فاعلة لتحقيق الأهداف.
 
ثالثاً: مراحل الإدراك:
وهي:
أ‌.       مواجهة المثيرات( المنبهات): تمثل هذه المرحلة التعرض إلى احد المثيرات المعينة كمقابلة المسؤول عن الأداء أو مواجهة أدوات الإنتاج أو خطوط العمل أو التعرض لمواقف معينة مع زملاء العمل أو مناقشة أنظمة الأجور والحوافز وغيرها.
ب‌.  استقبال المعلومات وتسجيلها:  تلعب حواس الفرد وجهازه العصبي وقدراته الحسية درواً أساسياً في استقبال المعلومات المختلفة (عبر أدوات الحواس وشبكة الأعصاب) عن المواقف الكثيرة التي يتعرض لها الفرد أثناء عمله في المنظمة وهي تشكل لديه مرحلة الإثارة للمنبهات (أو المثيرات) المختلفة.
ت‌.  التفسير:  تمثل هذه المرحلة تفسير المثيرات التي تم التعرض إليها فنبرة الصوت للمسؤول الإداري وطبيعة الجمل وتركيبها، وطبيعة العمليات الإنتاجية، وسبل أدائها وكذلك الأمور المتعلقة بالأنظمة المرتبطة بالعمل والأداء الانتاجي تشكل جميعها لدى الفرد صوراً معينة من التفسير الذي سيعبر عنه في المرحلة الأخيرة من مراحل الإدراك.
ث‌.  الاستجابة السلوكية( الإدراك):  تمثل هذه المرحلة النتاج السلوكي أو  الإدراكي للفرد.  ففي ضوء طبيعة التفسير يحدد الفرد رد فعل معين إزاء الموقف، سواء أكان ظاهرياً أو مستتراً، وتعد هذه المرحلة الخطوة النهائية في تكوين مدركات الفرد، حيث يتحدد في ضوئها السلوك المراد اتخاذه يحدد الفرد رد فعل معين إزاء الموقف، سواء أكان ظاهرياً أو مستتراً، وتعد هذه المرحلة الخطوة النهائية في تكوين مدركات الفرد، حيث يتحدد في ضوئها السلوك المراد اتخاذه إزاء المواقف المختلفة.
 
المبحث الثالث
الدوافع
 
أولاً:  مدرسة العلاقات الإنسانية:
أن العلاقة بين الرضا والدوافع الكامنة وراء الأداء تتحقق في الحالات التي يحصل فيها الأفراد على المزايا والعوائد وذلك على أساس الأداء المتحقق من قبلهم.  ففي مثل هذه الحالات يصبح أداء افرد مرتبطاً بطبيعة المنافع التي يتوقع الحصول عليها. وهذا من شأنه أن يسهم في تطلع الفرد نحو طموحات اقتصادية واجتماعية، وإلى السعي لتوفي سبل إشباعها عن طريق زيادة فاعلية وكفاءة الأداء.  وفي حالة غياب الاقتران الموضوعي بين الرضا والأداء، يضعف (أو لا يتحقق) ما تستهدفه المنظمة من تطلعات هادفة لتطوير الكفاءة أو تحسينها.
 
ثانياً:  نظريات التعلم:
أن نشاط الفرد في أداء عمل ما يتوقف على نتائج الخبرات السابقة التي نال فيها الثواب أو العقاب. فإذا قام القرار بعمل معين ثم حصل جرائه على الثواب فإنه يميل إلى تكراره في المستقبل بكفاءة تقترن بدرجة الثواب الذي حصل عليه.  أما إذا قام بفعل معين وحصل جرائه على العقاب فإنه يميل إلى عدم تكراره في المستقبل.  ويعتمد هذا المدخل في دراسة الدوافع على ما يحصل عليه الفرد من حوافز إيجابية أو سلبية من تكرار العمل.
 
ثالثاً: المداخل المعرفية أو الإدراكية في علم النفس:
تعتمد هذه المداخل على افتراضات منطقية تقوم على أساس الدوافع الذاتية للفرد فهي تكمن في مجموعة متغيرات وعمليات نفسية كامنة في الذات الإنسانية فالدوافع الأساسية لقيام الفرد بنشاط معين لا تعتمد على المتغيرات المبحوثة في المداخل  (من حوافز ودوافع إيجابية وسلبية) وإنما تخضع لإرادة الفرد الواعية في تحديد عناصر الاختبار بين البدائل المتاحة تبعاً لحرية الاختيار المتوفرة وفي ضوء المعرفة الإدراكية والواعية للفرد وتحديد سبل الجذب والاختيار على وفق العوامل الأساسية الكامنة في ذات الإنسان.   ومن أشهر هذه النظريات ما يأتي:
أ‌.       نظرية التوقع:  تقوم نظرية التوقع لفروم على أساس افتراض منطقي مفاده أن السلوك الفردي تسبقه عمليات مفاضلة بين العديد من البدائل المتاحة التي يحدد في ضوئها الفرد القيام بعمل من عدمه.  وتعتمد هذه المفاضلة أساساً على قيمة المنافع المتوقعة من بدائل السلوك المتعلقة بالأداء.   وكلما توقع الفرد توافرت لديه البدائل المحققة لإشباع حاجاته وكلما كانت دافعية العمل لديه أكبر قوة وأعلى جذباُ في اختيار البديل المحقق للهدف وهكذا.
ب‌.  نظرية مستوى الطموح:  تمثل الأهداف التي يتوقع الفرد الوصول إليها من خلال الانجاز المتحقق في الأداء حيث يتوقع الفرد الوصول إلى تحقيق هدف يشبع به حاجاته أو إلى تحقيق عوائد مرتقبة وقياس النجاح أو الفشل من خلال الوصول للمستوى الذي يطمح إليه.  فإن الفرق بين مستوى الإنجاز السابق ومستوى الطموح يسمى بــ" فرق الهدف" (وهو حاصل طرح" مستوى الإنجاز السابق" من " مستوى الطموح"). والفرق بين" مستوى الطموح" و" مستوى الانجاز الجديد" يسمى بــــ" فرق الانجاز"( ويتم الحصول عليه من خلال طرح" مستوى الطموح" من " مستوى الانجاز الجديد"). و"فرق الانجاز" هو المحدد لمشاعر النجاح أو الفشل التي تترتب على الانجاز الجديد.
 
ثالثاً:  نظرية صياغة الهدف:
تشير هذه النظرية إلى أن دوافع الفرد تتحول دائماً باتجاه تحقيق أهداف وغايات تمثل، في حد ذاتها، النوايا المستهدفة للفرد، وتمثل الأخيرة محور السلوك الذي يدفع الفرد باتجاه عمل معين.
 
              
رابعاً:  نظرية الإدارة بالأهداف والنتائج:
تعد هذه النظرية الترجمة التطبيقية للمفاهيم التي اقترحتها نظرية صياغة الهدف.  وعلى الرغم من كون نظرية الإدارة بالأهداف والنتائج هي أقدم واسبق من حيث الوجود من سابقتها فإنها من الناحية المالية تعبر عن إمكانية تطبيق نظرية صيغة الهدف علماً وتدل علة واقعيتها وتشير إلى كيفية تطبيقها.   وتقوم نظرية الإدارة بالأهداف والنتائج على الأسس الآتية:
أ‌.       يتم تحديد أهداف قابلة للقياس على مستوى المنظمة وتقسيماتها والأفراد العاملين فيها، ويغطي تحديدها مدة زمنية معينة.
ب‌.  توضع الخطط الأساسية لتحقيق الأهداف الموضوعية، وبشكل يعبر عن طموحات انجازها وفي اطار المشاركة أيضاً.
ت‌.  توضع الخطط التفصيلية والبرامج التنفيذية بمشاركة الأفراد العاملين سيما الذين يراد منهم انجاز الأداء المعين.
ث‌.  يحدد في ضوء الأهداف الموضوعية برنامج متكامل للحوافز المقترنة بانجاز الأهداف.
ج‌.    متابعة الانجاز من خلال أسلوب توجيهي لتصحيح الانحرافات الحاصلة من قبل الأفراد ذاتهم.
ح‌.    يقاس الانجاز المتحقق للأفراد والتقسيمات وتجرى مقارنته مع الأهداف الموضوعة خلال المدة المحددة، ويجري إشعار الأفراد بذلك.
خ‌.    يتم توزيع الحوافز على الأفراد العاملين حسب مستوى الانجاز المتحقق من قبلهم، كما تعالج الانحرافات، ويجري تصحيحها بغية الشروع بصياغة الأهداف ووضع الخطط والبرامج المستقبلية وهكذا.
 
 
خامساً: الإدارة بالتجوال:
تعد الإدارة بالتجوال انجازاً فكرياً وعلمياً جديداً جسدته الإدارة اليابانية من خلال المفاهيم الفكرية والثقافية والتربوية لطبيعة المجتمع الياباني.  وقد شهدت مرحلة التطور في حقل علم الإدارة خلال مرحلتي نهاية السبعينات والثمانينات تطوراً كبيراً في إدخال أساليب الإدارة الميدانية وخصوصاً ما حققته حلقات السيطرة النوعية من دور كبير في مستويات الانجاز الإنتاجي ومن تطوير الإنتاجية من الناحيتين الكمية والنوعية وقد عكست طبيعة الإدارة الميدانية ونظرية (Z) بشكل ملحوظ الحياة الريفية التي عاشها الفرد الياباني من حيث إرساء قيم التعاون والود والتآلف مع العاملين معه.  ولم تشكل التطورات العلمية والتكنولوجية والتقدم التقني بأشكاله وصوره المختلفة أية عوامل مساعدة في إضعاف الروابط الاجتماعية في اليابان.
 
المبحث الرابع
التعلم
 
أولاً: طبيعة العلم:
لا شك في أن التعلم هو من الظواهر ذات الأهمية الكبيرة في دراسة سلوك الفرد والمنظمة، بل في مجمل آفاق الدراسات الإدارية.  إذ مثلما يتأثر الفرد سلوكياً من خلال المتغيرات الداخلية(كالإدراك والدوافع) فإن ما يمتلكه من خبرات متراكمة سابقة( من خلال تفاعله مع البيئة) هي أيضاً من العوامل المحددة والموجه للسلوك الإنساني.  إن ما يطلع عليه" التعلم" يمثل ذلك التغيير الذي يتصف بالدوام النسبي في السلوك الفردي المخزون في ذاكرته والذي ينتج عن الخبرات أو الممارسات.  فالتعلم قد ينتج عن الممارسة المباشرة كما قد يحصل نتيجة لعدم وجود خبرات وممارسات مباشرة، مثل حالة التعلم بالملاحظة، ومتابعة خبرات الآخرين.
 
ثانياً:  نظريات التعلم:
ومن أهمها:
أ‌.       نظرية التعلم الشرطي التقليدية:  وهو الفعل المنعكس الشرطي وهو ما يطلق عليه بــ التعلم الشرطي وفي اطار هذا النوع من التعلم يغير الفرد من سلوكه نتيجة لمروره بمواقف تجريبية خاصة تترك آثارها في نفسه وتجله يستجيب لمؤثرات معينة لم يكن يستجيب لها من قبل وبتعلم من هذه المواقف والتجارب التي تؤثر في مجمل سلوكه وتؤدي إلى تكوين عادات جديدة بعد أن تكون قد أثبتت له وجود رابطة قوية بين منبهات(مثيرات) معينة وبين استجابات تحصل كلما تكرر وجود هذه المنبهات.
ب‌.  نظرية التعلم من خلال المحاولة والخطأ:  فالإنسان يتعلم بهذا الأسلوب لغرض الاختيار السليم للمنبهات التي يتطلبها بقاؤه حياً، أو لغرض تحقيق الرضا في مواجهة المواقف والمشكلات فعندما تواجه الفرد هذه المواقف والمشكلات فإنه يبذل في البداية محاولات أو حلول تجريبية أو استطلاعية مستعيناً بمخزون تجاربه.   وهو يستبعد المحاولات الخاطئة ويركز على الصحيحة، ويسعى إلى تنظيمها في نمط سلوكي منسق لمواجهة موقع أو مشكلة محددة بجهد أقل(كفاءة) ولذلك فالتدريب والتوجيه لهما الدور المهم في سرعة التعلم وتقليل مدة المحاولة والخطأ كما أن العائق في سبيل تحقيق أهداف الفرد يدفعه إلى تعلم أنماط جديدة لإزالة ذلك العائق.  فالفرد مشابهه، في إطار التعليم وباتجاه الاستجابات التي تحقق الرضا وتشجع الحاجات. وقد توصل ثورندايك من تجاربه على الحيوانات إلى ثلاثة قوانين أساسية هي:
a.    قانون الاستعداد: ترتبط حالات الرضا أو الاستياء بمدى استعداد الجهاز العصبي فاستعداد الفرد في المنظمة للقيام بعمل معين هو حصيلة أنماط استجاباته التي تعلمها من قبل وقدراته البدنية والعقلية ومهاراته.
b.    قانون الأثر:  وهو يشير إلى أن الاستجابة الناجحة في موقع معين تؤدي إلى الرضا وتقوي العلاقة بين المنبه والاستجابة وتشجع على تكرار حدوث الاستجابة وبالعكس فإن الاستجابة الفاشلة تسبب الضيق والألم وتضعف الرابطة بين المنبه والاستجابة وتقلل من احتمالات التكرار في المستقبل.
c.     قانون المران:  فالروابط بين المنبه والاستجابة تقوي من خلال المران وتضعف بسبب توقف التمرين فالمران الموجه والتكرار يزيدان من فرصة حصول الاستجابة الصحيحة.
ت‌.   نظرية الاستبصار:
أنه ليس من الضروري أن يكون التعلم مجرد ارتباط استجابات بمنبهات محددة، وإنما يقوم على أساس تحليل الموقف القائم وإدراك العلاقات الرئيسة بين العناصر والأشياء والمكونات الزخرى، وهو ما يعفر بـــــ" الاستبصار" فالفرد يقوم بدراسة الموقف وينظم عناصر المشكلة بحيث يمكنه إدراك المعاني والعلاقات بين عناصرها هادفاً للوصول إلى الحل المناسب حتى ولو واجهته في البداية استجابات غير سليمة.  فالفرد يتعلم بالبصيرة ويستعين بخبراته السابقة في حل المشكلات الجديدة بوقت أقل.  وعليه فكلما زادت الخبرات السابقة وازدادت قدرته على تنظيم أجزاء الموقف ككل ببعضها البعض وفهم الأجزاء والعلاقات بينها، كلما زادت قدرته على حل المشكلات الجديدة.
 
 
 
 
 
المبحث الخامس
الحاجات
 
الحاجات الإنسانية في مجموعات تبعاً لأهميتها النسبية كما يأتي:
أ‌.       الحاجات الفيزيولوجية:  وتتضمن الحاجات الجسمانية والأساسية لحياة وحفظ النوع مثل الحاجة للطعام والماء والهواء والنوم وتأتي في أسفل السلم الهرمي وتشكل قاعدته الأساسية باعتبارها الحاجات الرئيسية لضمان بقاء العنصر البشري.
ب‌.  حاجات الأمان والطمأنينة:  وتعبر عن حاجات الفرد للأمن والطمأنينة وتجنب المخاطر ولا تتضمن هذه المخاطر المادية للفرد بل تتناول الجوانب المتعلقة بالأمن النفسي والمعنوي واستقراره وضمان مستقبله وتأتي في الحلقة الثانية من السلم.
ت‌.  الحاجات الاجتماعية:  وتتضمن الشعور بالود والألفة والمحبة مع الآخرين وتبادل المشاعر الاجتماعية والإنسانية معهم وتكوين الأصدقاء والزملاء والتعبير عن التوافق وعن التفاعل مع الجماعة.
ث‌.  الحاجات للتقدير:  وتتضمن حاجات الفرد للشعور بأنه موضع اعتزاز واحترام وتقدير الآخرين واعترافهم له بمكانة اجتماعية معينة وتنبع هذه الحاجات عادة من خلال شعوره ذاتياً بضرورة الحصول على احترام الآخرين.
ج‌.    حاجات تحقيق الذات:  تعبر هذه الحاجات عن رغبة الفرد في تكوين كيان متميز ومستقل له من خلال مواهبه وقدراته وأماناته ويشير إلى مدى استعداده للتعبير عن ذلك وتشكل هذه الحاجة في نظر ماسلو أعلى السلم الهرمي للحاجات.
وتأتي قوة الحاجات بشكل عام من خلال ما يأتي:
أ‌.       مستوى الإشباع أو درجة الحرمان: حيث كلما زادت درجة عدم الإشباع أو الحرمان الذي يشعر به الفرد لحاجة معينة كلما ازدادت قوة البحث عن السبل الكفيلة بإشباعها واعتبارها الموجه الرئيس للسلوك الفردي.
ب‌.  قوة المنبه (المؤثر):  كلما زادت درجة إثارة الفرد من خلال المنبهات(أو المثيرات) الخارجية كلما زادت سبل البحث عن الإشباع حيث أن بعض الحاجات غالباً ما تكون كامنة في ذات الفرد، إلا إذا تأثرت بمتغيرات خارجية ساعدت على تنشيطها أو تحريكها.
 
 
 
 
 
المبحث السادس
الشخصية
 
ومن هنا يمكن تعريف الشخصية على أنها عبارة عن مجموعة من الخصائص التي يتميز بها فرد معين والتي تحدد مدى استعداده للتفاعل والسلوك.
أولاً: أركان الشخصية:
يمكن من خلال التعريف أعلاه، تحديد الأركان الأساسية المميزة للشخصية على النحو الآتي:
أ‌.       التمييز: تتباين الشخصية الإنسانية من فرد لأخر، حيث يتسم كل فرد بخصائص تجعله يختلف عن غيره من الأفراد بسمات وصفات مختلفة.
ب‌.  الحركية:  الشخصية الإنسانية نتاج للعلاقات الحركية المستمرة بين الإنسان والبيئة.  وعليه لا يمكن القول بوجود خصائص شخصية مكتسبة من المجتمع تميز الطفل الوليد عن غيره، حيث ينعدم التفاعل الواعي بينه وبين الاجتماعية فحركية الشخصية الإنسانية تجعلها متأثرة بحصيلة التفاعل الاجتماعي بعد الولادة وحتى الوفاة.
ت‌.  الشمول:  تمثل الشخصية الإنسانية تنظيماً يتسم بشموله لجميع خصائص الفرد وسماته، إذ أنها تمثل التنظيم الفريد والمتميز لاستعداده لاتخاذ السلوك إزاء المواقف المختلفة التي يواجهها.
 
 
ثانياً:  النظريات الرئيسة للشخصية:
تختلف الآراء والمفاهيم في تفسير الشخصية الإنسانية بشكل دقيق، وأسلوب نشأتها وتطورها. أهم النظريات التي تناولت الشخصية ما يأتي:
أ‌.       نظرية الأنماط: وتم تقسيم هذه الأنماط إلى الأنواع الآتية:
a.    الأنماط الجسمية أو البدنية.
b.    الأنماط النفسية إذ تناول الباحثون هذا النمط الشخصي للذات الإنسانية من جوانب متعددة حيث جرى تقسيمه إلى نوعين هما: أولاً: النمط الانبساطي للسلوك الشخصي حيث يتم التعامل الإنساني من خلال تفاعل أكبر مع المحيط البيئي للفرد.              ثانياً:النمط الانطوائي للسلوك الشخصي ويتم التركيز فيه على طبيعة الحياة الذاتية للفرد ويتجه التفكير فيه إلى تحقيق الذات وتدعيم وجودها.
c.     الأنماط الاجتماعية وتمثل الأبعاد العلمية والجمالية والدينية للذات الإنسانية.
ب‌.   نظرية السمات:
تناول بعض من علماء النفس تفسير الشخصية الإنسانية من خلال السمات أو الخصائص التي يتميز بها الفرد غيره من الآخرين " فالشخصية عبارة عن مجموعة من السمات أو الخصائص"
 
 وفي ضوء هذا المفهوم يقسم هورني الأفراد إلى ثلاثة فئات وفقاً لخصائصهم من حيث التفاعل مع الآخرين هي:
أ‌.       الفئة الإيجابية:  تمثل هذه الشريحة من الأفراد طبيعة السلوك الايجابي للتفاعل مع الآخرين حيث تميل إلى البحث عن الأصدقاء والسعي نحو تقديم الخدمات للآخرين ومساعدتهم والتعاون معهم.  ويشعر الفرد فيها بالرغبة في أن يكون موضع اهتمام واعتزاز الآخرين.
ب‌.  الفئة النافرة:  تتميز هذه الفئة بالنفور وعدم الاستجابة للتفاعل كما تتصف بالعدوانية والمنافسة وتميل إلى اعتبار البقاء للأصلح.
ت‌.  الفئة السلبية:  تتصف الأنماط السلوكية لهذه الفئة بالانطواء والانعزالية حيث يميل أفرادها إلى الابتعاد عن أجواء التفاعل الاجتماعي وعدم الانضواء في المجاميع الإنسانية فهي تتصف بالميل الأكيد نحو الاكتفاء الذاتي لحياتها.  كما أن الرغبات والدوافع والخبرات الماضية أو المتراكمة للفرد ذات أثر مهم في هذا المجال. وقد يستطيع الفرد أن يكتسب بعض السمات الشخصية أثناء المعايشة مع المواقف المتباينة التي يتعرض لها.  ومن هنا يمكن القول بأن هناك العديد من الخصائص الشخصية للفرد منها على سبيل المثال ما يأتي:
a.    الكبرياء: وهي سمة تمثل صور الثقة بالنفس والمظهرية في السلوك والدفاع عن الحقوق وإعلان الذات في المواقف المختلفة وبعكسها التواضع.
b.    الاستقلال:  وتمثل صور العمل بعيداً عن الآخرين وبمعزل عنهم وبالطريقة التي يفضلها الفرد ويعكسها الاعتمادية.
c.     السيطرة:  يسعى الفرد من خلالها إلى حب السلطة والنفوذ وإعطاء الأوامر والميل إلى القيادة وقوة الإرادة ويعكسها الخضوع.
d.    العطف:  يميل الشخص من خلالها إلى احترام مشاعر الآخرين ورغباتهم واعتماده المسالك النفسية الرحيمة في التعامل وبعكسها اللامبالاة تجاه عواطف الآخرين.
e.    المبادرة: ويميل الأفراد فيها إلى تكوين الجماعات وحب الظهور في مقدمة الحوادث والمواقف وتقديم الاقتراحات التطويرية في المناسبات وعكسها السلبية.
f.       الإقبال على الآخرين:  ويميل الأفراد من خلالها إلى تصديق الآخرين وعدم الميل لإصدار أحكام قاسية عليهم وتغاضي النظر عن نقاط الضعف لدى الآخرين وبعكسها رفض الآخرين.
g.    المنافسة: ويميل الأفراد من خلالها إلى اعتماد التنافس وتشجيع الصراع والتسابق مع الآخرين مستهدفين هزيمتهم باعتبارهم عناصر منافسة لهم وبعكسها التعاون.
ومما لا شك فيه أن الخصائص الشخصية للفرد ذات أثر كبير في تحقيق أهداف المنظمة فتحديد الخصائص الذاتي للأفراد يجعل من الممكن التخطيط والتنبؤ بالمستقبل ولا بد في الوقت ذاته من التركيز على درجة الاستقرار في السمات الشخصية للأفراد وعلى شمولية السلوك لجميع المواقف المتشابهة.